إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
الإعلام بكفر من ابتغى غير الإسلام
13825 مشاهدة
أعمال الكفار الصالحة وعبادتهم تكون هباءً منثورا

 وقد أخبر الله أن أعمال الكفار تكون هباءً منثورا، منها: أعمال أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بالله وبرسله وكتبه فقوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ دليلٌ على أنهم ليسوا على دين، وأن عبادتهم باطلة حيث لم يؤمنوا بما أُنزل إليهم من ربهم ولم يقيموا التوراة والإنجيل فإن إقامتها تستلزم اتباع النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، فمن لم يتبعه لم يكن على شيء.
     وهكذا اشترط الله للأمن الإيمان بالله واليوم الآخر في قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ  فلا بد من الإيمان بالله الذي يستلزم تصديق رسله وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يقبل منهم الإيمان إلا بشرط وهو التصديق بما جاءت به الرسل.
ولا شك أن العمل الصالح الذي اشترطه الله للمؤمنين لا يحصل إلا بما وافق شرع الله المنزَّل على نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الإِيمان بأركانه الستة، ومنها الإِيمان بالرسل والكتب وهو يستلزم الاتباع للرسل وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، والعمل بالكتب وخاتمها القرآن الكريم، فمن لم يتبعه فليس بمؤمن ولا ينفعه عمله، ولو عمل أي عمل.
 ومعلوم أن الإسلام في وقت كل نبي هو اتباع ما جاء به؛ فاتباع موسى في زمنه، واتباع عيسى في وقته سُمي إسلاما، لكن زال بعد أن حُرِّفت تلك الشرائع ونُسخ ما بقي منها.
     ثم إن حجة الله قائمة، فكتاب الله تعالى محفوظ، وقد تُرجم وفُسِّر بكل اللغات، وانتشر الإِسلام وبلغ أَقصى الأرض وأَدناها ولم يبق لأحد عذر، حيث إن دين الإسلام مشهور معروف ولا يحتاج إلى زيادة تَعَلُّم، بل كل من دخل فيه أَمكنه أَن يعرف ما أوجب الله عليه في بضعة أيام، ويعمل بما يقدر عليه، ولا يلزمه معرفة التفاصيل دفعة واحدة، فالزكاة لا تلزم الفقير، والصوم لا يكون إلا في السنة مرة، وأحكامه سهلة، والحج في العمر مرة واحدة على المستطيع، والمحرمات يمكن معرفتها في مجلس واحد، فكيف يُقال إن اعتناق الإسلام يستدعي بضع سنوات في دراسته وعرضه على الأديان الأُخرى.
     وقد شوهِدَ أَنه دين الفطرة التي فطرَ الله الناس عليها، فمن لم يتبعه مع سماعه به فهو من أهل النار، ومن لم يبلغه ولم يسمع به فهو كأهل الفترات يحكم الله فيهم بما يشاء، والله المستعان، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.