من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
الإعلام بكفر من ابتغى غير الإسلام
19392 مشاهدة print word pdf
line-top
أعمال الكفار الصالحة وعبادتهم تكون هباءً منثورا

 وقد أخبر الله أن أعمال الكفار تكون هباءً منثورا، منها: أعمال أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بالله وبرسله وكتبه فقوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ دليلٌ على أنهم ليسوا على دين، وأن عبادتهم باطلة حيث لم يؤمنوا بما أُنزل إليهم من ربهم ولم يقيموا التوراة والإنجيل فإن إقامتها تستلزم اتباع النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، فمن لم يتبعه لم يكن على شيء.
     وهكذا اشترط الله للأمن الإيمان بالله واليوم الآخر في قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ  فلا بد من الإيمان بالله الذي يستلزم تصديق رسله وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يقبل منهم الإيمان إلا بشرط وهو التصديق بما جاءت به الرسل.
ولا شك أن العمل الصالح الذي اشترطه الله للمؤمنين لا يحصل إلا بما وافق شرع الله المنزَّل على نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الإِيمان بأركانه الستة، ومنها الإِيمان بالرسل والكتب وهو يستلزم الاتباع للرسل وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، والعمل بالكتب وخاتمها القرآن الكريم، فمن لم يتبعه فليس بمؤمن ولا ينفعه عمله، ولو عمل أي عمل.
 ومعلوم أن الإسلام في وقت كل نبي هو اتباع ما جاء به؛ فاتباع موسى في زمنه، واتباع عيسى في وقته سُمي إسلاما، لكن زال بعد أن حُرِّفت تلك الشرائع ونُسخ ما بقي منها.
     ثم إن حجة الله قائمة، فكتاب الله تعالى محفوظ، وقد تُرجم وفُسِّر بكل اللغات، وانتشر الإِسلام وبلغ أَقصى الأرض وأَدناها ولم يبق لأحد عذر، حيث إن دين الإسلام مشهور معروف ولا يحتاج إلى زيادة تَعَلُّم، بل كل من دخل فيه أَمكنه أَن يعرف ما أوجب الله عليه في بضعة أيام، ويعمل بما يقدر عليه، ولا يلزمه معرفة التفاصيل دفعة واحدة، فالزكاة لا تلزم الفقير، والصوم لا يكون إلا في السنة مرة، وأحكامه سهلة، والحج في العمر مرة واحدة على المستطيع، والمحرمات يمكن معرفتها في مجلس واحد، فكيف يُقال إن اعتناق الإسلام يستدعي بضع سنوات في دراسته وعرضه على الأديان الأُخرى.
     وقد شوهِدَ أَنه دين الفطرة التي فطرَ الله الناس عليها، فمن لم يتبعه مع سماعه به فهو من أهل النار، ومن لم يبلغه ولم يسمع به فهو كأهل الفترات يحكم الله فيهم بما يشاء، والله المستعان، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

line-bottom